تاريخ العالم في 48
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يقدم كل ما يختص به منهج اجتماعيات اول ثانوي و تاريخ علوم انسانيه للصف الثاني ثانوي من معارف و ملخصات و خرائط و تقرير و ابحاث
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لوط عليه السلام ~

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
شهد السهلي




عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 03/02/2013

لوط عليه السلام ~  Empty
مُساهمةموضوع: لوط عليه السلام ~    لوط عليه السلام ~  Emptyالإثنين فبراير 04, 2013 1:34 am

فاحشة اللواط

يحيى بن موسى الزهراني

لقد وهب الله عز وجل الإنسان العقل ليميزه عن البهائم العجماوات ، فيعرف طريق الخير ويسير فيه ، ويعرف طريق الشر ويبتعد عنه ، فالخير وعمله من طرق البر والبر يهدي إلى الجنة أما الشر وعمله فمن طرق الفجور والفجور يهدي الى النار والعياذ بالله فلهذا أكرم الله الإنسان وميزه عن سائر الحيوانات ، وسائر المخلوقات ، قال تعالى : { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً } ( الإسراء ) ، والعقل زينة الإنسان فالعاقل مميز عن المجنون ومن لا عقل له ، فهو ـ أي العاقل ـ مخاطب بالتكاليف الشرعية جميعها، ولهذا أعد الله لأصحاب العقول في الآخرة حياتين إما حياة نعيم وهي الجنة ، وإما حياة جحيم وهي النار . فمن أدى الواجبات وقام بالطاعات وترك المنكرات واجتنب المحرمات حُق له بإذن الله أن يكون من الفائزين برضوان الله ورحمته والدخول في جنته ، ومن تكاسل عن الواجبات ولم يهتم بالطاعات ، وارتكب المنكرات واجترأ على المحرمات ، كتبت عليه السيئات وحلت به الويلات وتوالت عليه النكبات ، واستحق الغضب وعدم الرضى من جبار الأرض والسموات ، فهو محروم من رحمة الله ومغفرته ، وحُق له أن يكون من أهل الجحيم والحميم وكتب عليه الشقاء الذي لا سعادة معه أبداً فشرابه الحميم : { يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد } ( الحج ) وطعامه الزقوم والضريع : { لا يسمن ولا يغني من جوع } ( الغاشية ) ، { ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم } ( الصافات ) ، وأما الحركة والانتقال ، فيقول الله تعالى : { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون * في الحميم ثم في النار يسجرون } ( غافر ) ، أما الحياة في الصباح والمساء ، فيصورها لنا القرآن الكريم في قول ربنا جل وعلا : { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } ( غافر ) ، فانتبه ! أيها العاقل الفطن أن تكون ممن قال الله فيهم { واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد* من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد * يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ } ( إبراهيم15/16/17 ) ، فاحذر الذنوب والآثام ، والمعاصي العظام ، فمن يجيرك من الله العلام، فاعمل في دنياك لتعمر آخرتك ، واحذر أن تعمر الدنيا وتخرب الآخرة فهذا هو الشقاء والتعاسة ، وكن فطناً عاقلاً ، ولا تبع دينك بعرض من أعراض الدنيا فتهلك نفسك وتندم حينما لا ينفع الندم : { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون } ( المؤمنون ) ، وقال تعالى : { يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون } ( التحريم ) .
قلنا أن الله ميز الإنسان بالعقل وجعله زينة له ، ولكن بعضهم ضيع هذه الزينة وهذه الميزة بتركها للهوى والشهوات ، وباعوها للشيطان والملهيات ، فكم من أناس تراهم وتحسبهم ذوي عقول ، وإذا هم بلا عقول ، رؤوسهم كبيرة وعقولهم صغيرة ، وأجسامهم ثقيلة وأحلامهم سفيهة . لأنهم ركنوا للأهواء وشهوات النفس الأمارة بالسوء ، فهم كالبهائم بل هم في منزلة أحط وأوضع منها ، لأنهم ما عرفوا للعقل نعمة ، فكان العقل عليهم وبالاً ونقمة فتراهم يرتكبون الحرام غير ناظرين لما يسببه من آلام في نار تحترق فيها الأجسام من الرأس إلى الأقدام ، فأين أولوا الأحلام وأصحاب الأفهام ؟وإن مما ضاعت به العقول ، وانحط به كثير من الذكور ، ارتكاب فاحشة قوم لوط الفاحشة العظمى ، والجريمة النكراء ، والكبيرة الكبرى ( اللواط ) نعوذ بالله من شرها وأهلها وعاقبة أمرها ، فإن عاقبة أمرها خُسرا في الدنيا والأخرى .

النظر سبب الفتن :
وقد جاء التحذير من إحداق النظر ، والمنع من إطلاقه ، لأنه من الأسباب المؤدية إلى اللواط وغيره من الكبائر ، قال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } ( النور ) ، فالنظر المحرم مفتاح الجريمة والباعث لها والحاث إليها ، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتشلشل دماً ، فقال له : مالك ؟ قال : يا رسول الله ، مرت بي امرأة ، فنظرت إليها ، فلم أزل أتبعها بصري ، فاستقبلني جدار فضربني ، فصنع بي ما ترى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً عجل له عقوبته في الدنيا " ( حديث حسن بشواهده انظر ذم الهوى لابن الجوزي 144) .
وقد قيل أن النظر بريد الزنا ، فجاء النهي عن النظر إلى المردان خاصة أو مجالستهم ومؤانستهم ، أو التحدث إليهم ، لأن ذلك يفضي إلى عواقب وخيمة ونهايات سيئة لا تحمد عقباها .
قال الحسن بن ذكوان : لا تجالسوا أولاد الأغنياء ، فإن لهم صوراً كصور النساء ، وهم أشد فتنة من العذارى 0وقال النجيب بن السري : لا يبيت الرجل في بيت مع أمرد .
وقال سعيد بن المسيب : إذا رأيتم الرجل يلح بالنظر إلى غلام فاتهموه . وقال عطاء كان سفيان الثوري لا يدع أمرداً يجالسه .
وقال النجيب : وكانوا يكرهون أن يحدّ ـ أي يحدق ـ الرجل النظر إلى الغلام الجميل الوجه .
وقال أبو سهل : سيكون في الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاثة أصناف : صنف ينظرون ، وصنف يصافحون ، وصنف يعملون ذلك العمل .
يقول ابن القيم رحمه الله في الفوائد : ( الصبر عن الشهوة أسهل من ألم عقوبتها ) ، وعقوبتها في الدنيا والآخرة أشد وأحر من الصبر عنها ، فهلا فكرت في ذلك يا صاحب العقل والهمة ؟
فالشهوة تورث الحسرة والندامة ، واللذة المحرمة ممزوجة بالقبح حال تناولها ، محركة للألم بعد انقضائها ، ففكر أيها العاقل في انقطاعها وبقاء قبحها وألمها .
وعن عبدالله بن الجلاء قال : كنت واقفاً أنظر إلى غلام نصراني حسن الوجه ، فمر بي أبو عبدالله البلخي ، فقال : ما أوقفك ؟ فقلت : يا عم ! ترى هذه الصورة تعذب بالنار ؟ فضرب بيده بين كتفيّ وقال : لتجدن غِبّها (أي عقوبتها ) ولو بعد حين . قال بن الجلاء : فوجدت غِبَها بعد أربعين سنة ! أُنسيت القرآن .
قال الشاعر:
ليس الشجاع الذي يحمي مطيته يوم النزال ونار الحرب تشتعل
لكن فتىً غض طرفاً أو ثنى بصراً عن الحرام فذاك الفارس البطل
قال أبو العباس بن مسروق : من راقب الله في خطرات قلبه ، عصمه الله في حركات جوارحه . فاحذر وفقك الله من النظر الحرام فهو سبب الوقوع في الجريمة والولوج في بابها، وتفكر وقلب نظرك في ملكوت السموات والأرض ، والنجوم ومن جعلها زينة للسماء ، والجبال ومن جعلها رواسي للأرض، قلب نظرك في عظيم مخلوقات جبّار السموات والأرض ، ودع عنك توافه الأمور وسفاسفها ، فهي قاصمة الظهر والمودية إلى نار أشد حراً .

الشيطان عدوك :
اعلم أيها المسلم أن الشيطان قد أخذ العهد على نفسه ليغوينك وليهلكنك وليجعلنك من أصحاب الجحيم وذلك إن أطعته وأسلمت له نفسك ، فهو ملعون مطرود من رحمة الله عز وجل فاحذر أن تتخذه ولياً من دون الله فتكون من الخاسرين ، وكن على حذر من مكره ومكائده ومداخله وتلبيسه ، فهو آمر بالسوء ودافع الى الحرام ومقرب الى النيران فإن أطعته فأنت من حزبه والله يقول : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان } ( الأعراف ) .
وقال تعالى : { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً * إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } ( فاطر ) .
ولقد بين الله عز وجل في كتابه الكريم كيف أن الشيطان يوقع الإنسان في حبائله وشراكه فإن هو أطاع عدوه وقال وعمل ما يأمره به ذلك العدو وبتزيينه للقبيح حتى يراه مليحاً وللباطل حتى يراه صحيحاً ، فإن فعل ذلك وتلبس بفعل المنكر ، تخلى عنه وأيقظه من غفلته ، وأفاقه من سباته ، وذكّرَهُ بأن الله هو الحق ووعده حق وقوله حق والجنة حق والنار حق ، قال تعالى : { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم} ( إبراهيم ) .
وقال تعالى : { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب } ( الأنفال ) .
فاحذر يا عبدالله أن تكون عبداً للشيطان والشهوات، فتقع في المعصيات ، وتركن للمغريات والمحرمات ، فتستحق العذاب من رب الأرض والسماوات ، فانج بنفسك واعمل لدنياك كأنك تموت غداً ، واعمل لآخرتك كأنك تعيش أبداً ، واعلم بأن الله يراك ومطلع عليك ، { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } ( الإسراء ) واحذر أن يراك على معصية { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم يوم القيامة بما عملوا والله بكل شيء عليم } ( المجادلة ) ، وكن مستعداً للموت في كل لحظة وبادر إلى الأعمال الصالحة فما تلبث قليلاً إلا وأنت مرتهن في قبرك فإما نعيم وإما جحيم وخذ العبرة ممن سبقك ، ولا تكن عبرة لمن بعدك . { كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } ( آل عمران ) .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الله يغار ، وإن المؤمن يغار ، وغيرة الله عز وجل أن يأتي المؤمن ما حرم عليه"( متفق عليه) ، وقال بكار سمعت وهباً يقول: إن الرب عز وجل قال بعض ما يقول لبني إسرائيل : إني إذا أُطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية ، وإذا عُصيت غضبت ، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد . نعوذ بالله من الخُسران .
وقال الحسن البصري : ما عصى الله عبداً إلا أذله الله تبارك وتعالى .
وقال أبو الحسن المزيني : الذنب بعد الذنب عقوبة الذنب ، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة .
فيا أخي المبارك : لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت ، فقد عصيت جبّار السموات والأرض ، شديد العقاب ، واحذر أن يأخذك هادم اللذات وأنت على معصيتك فيُختم عليك بخاتمة السوء والعياذ بالله ، وتفكر رعاك الله في أن الذنوب تنقضي لذتها وتبقى تبعتها فمتى رأيت الكدر والتعب وضيق القلب والحال فتذكر ذنباً وقعت فيه وبادر بالتوبة النصوح والزم التقوى فهي لباس المؤمنين ، ونعم بها من لباس .
وتفكر في قول الشاعر:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة بعدهـا النار
فاحرص على ما ينفعك وابتعد عما يضرك فإنه والله وراءك أهوال عظام في حياة البرزخ والحياة الآخرة .
ولنعد إلى صلب موضوعنا والمهم من أمرنا وهو موضوع ( اللواط ) أعاذنا الله منه وأجارنا .
قال بن حجر في الزواجر : [ النظر بريد الزنا، ومما روي : أن عيسى عليه السلام مّر في سياحته على نار تتوقد على رجل فأخذ ماء ليطفئها فانقلبت النار صبياً وانقلب الرجل ناراً ، فتعجب عيسى من ذلك ، فقال يارب: ردهما لحالهما في الدنيا لأسألهما عن خبرهما فأحياهما الله تعالى فإذا هما رجل وصبي ، فقال لهما عيسى عليه السلام : ما خبركما وما أمركما ؟ فقال الرجل : يا نبي الله إني كنت في الدنيا مبتلى بحب هذا الصبي فحملتني الشهوة أن فعلت به الفاحشة فلما مت ومات الصبي صّير الله الصبي ناراً يحرقني مرة وصّيرني ناراً أحرقه أخرى فهذا عذابنا إلى يوم القبامة ، نعوذ بالله من عذابه ونسأله العافية والعافية والتوفيق لمرضاته ] انتهى .
كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، أنه وجد رجلاً في بعض ضواحي العرب يُنكح كما تُنكح المرأة ، فجمع لذلك أبو بكر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وفيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال :أن هذا الذنب لم تعمل به أمة إلا أمة واحدة ففعل الله بهم ما قد علمتم ، أرى أن نحرقه بالنار ، فأجمع رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق بالنار ، فأمر به أبو بكر أن يحرق بالنار ، فحرقه خالد بن الوليد رضي الله عنه .

أدلة تحريم اللواط :
لا شك أن الإنسان لا يولد من بطن أمه عالماً ، بل يولد جاهلاً بلا علم ، ثم إن منّ الله عليه بالتعليم والعلم الشرعي ، فهذه نعمة عظيمة ومنة جسيمة ، تستحق الشكر والدعاء ما عاش الإنسان على ظهر هذه البسيطة ، وقد لا يكتب لبعض الناس تعلم العلم الشرعي ، فيقع في مخاطر عظيمة ، ومصائب كبيرة ، وقد يبتعد عن مولا ه سبحانه وتعالى ، لأنه لم يعرف ربه حق المعرفة ، فتراه يتخبط في ظلمات البر والبحر ، وتتقاذفه أمواج المعصية ، وتتجاذبه أفخاخ الجريمة ، فما يلبث أن يقع فريسة سهلة لشياطين الإنس والجن ، فيقبع في السجون وتحت بوارق السيوف ، لكن من أتاه العلم ، وعلم أن هذا حرام وهذا حلال ، وجب عليه الانتهاء فوراً مما كان عليه من الذنوب والمعاصي ، حتى يقي نفسه أهوالاً جساماً في دنياه وفي برزخه وفي أخراه ، ولهذا الغرض سقت أدلة تحريم اللواط من الكتاب والسنة وإجماع العلماء ، فها هي بين يديك حتى تكون حجة عليك :

أولا : من القرآن الكريم : ـ
1 ـ قال تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون * وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين *وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين } ((الأعراف 80 ـ 84 ))
قال القرطبي في تفسيره (واجمع العلماء على تحريم اللواط ، وإن الله تعالى عاقب قوم لوط وعذبهم لأنهم كانوا على معاص وذنوب ، ومنه الفعلة المشينة والعملة القبيحة ألا وهي اللواط ، فأخذهم الله بذلك ، ولأنه كان منهم الفاعل والراضي بذلك ، فعوقبوا الجميع لسكوت الجماهير عليه ، وهي حكمة الله وسنته في خلقه ، وبقي أمر العقوبة على الفاعلين مستمرا .
ولما كان أمر اللواط عظيما وخطيرا فقد جاء ت عقوبته غليظة قوية ، فقد أمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه بحرق لوطي في عهده ، وكذلك أحرقهم هشام ابن الوليد ، وخالد القسري بالعراق ، ورجم بن الزبير أربعة في لواط قد أحصنوا وحد ثلاثة لم يحصنوا ) انتهى ملخصا .

2 ـ قال تعالى : { ولما جاءت رسلنا لوطا سيئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب ... } (( هود 77 ـ 83 ))
يقول بن كثير في تفسير الآيات السابقة ( أن لوطا عليه السلام حذر قومه من عاقبة فعلهم ذلك ، وأن الله سيعاقبهم على جرمهم وفعلهم الفاحشة العظيمة ، ولكنهم تجبروا وطغوا ولم يذعنوا إلى أمر نبيهم لهم بل قالوا إنك لتعلم أن نساءنا لا رغبة لنا فيهن ولا نشتهيهن ، بل قالوا أفظع من ذلك وأشنع إذ قالوا : ليس لنا غرض إلا في الذكور وأنت تعلم ذلك فأي فائدة من تكرار القول علينا في ذلك .
فعند ذلك نزل بهم العذاب الأليم فألقوا من السماء الدنيا إلى الأرض وحلت عليهم لعنة رب العباد ، فلم يكن لهم من الله من ولي ولا نصير ) انتهى ملخصا .

3 ـ قال تعالى : { قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * …} ((الحجر 57 ـ 77 ))
يقول الفخر الرازي في تفسير الآيات السابقة : ( أن لوطا عليه السلام لما ذكر قومه بالله والتقوى والخوف منه سبحانه أعرضوا عنه ولم يلقوا له بالاً بل طالبوه بضيوفه ليفعلوا بهم الفاحشة ولم يدر بخلد هم أنهم ملائكة من الله تعالى ليشهدوا عليهم فعلهم ذلك ثم ليقيموا عليهم العذاب ، فلما قال لهم نبيهم عليه السلام (اتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي ) كان ردهم بأن قالوا (ألسنا قد نهيناك أن تكلمنا في أحد من الناس إذ قصدناه بالفاحشة ، فاستمروا في غيهم وسكرتهم وفقد عقولهم فكيف سيتقبلون قول نبيهم .

واعلم أن الله تعالى عذبهم بثلاثة أنواع من العذاب : ـ
1 ـ الصيحة الهائلة .
2 ـ أنه جعل عاليها سافلها .
3 ـ أنه أمطر عليهم حجارة من سجيل .
فوقع العذاب عليهم بفعلهم الفاحشة التي لم تفعلها أمة قبلهم ، وكانت قراهم وما ظهر فيها من آثار قهر الله وغضبه لبسبيل مقيم ثابت لم يندرس ولم يخف ، والذين يمرون من الحجاز إلى الشام يشاهدونها ) انتهى ملخصا .

4 ـ قال الله تعالى : { كذبت قوم لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون * .. } ( الشعراء 160 ـ 175 ) .
يقول ابن جرير الطبري في تفسير الآيات السابقة ((قال لوط لقومه : ـ الله أيها القوم إني رسول الله إليكم وأمين على وحيه وتبليغ رسالته ، فاتقوا الله في أنفسكم أن يحل بكم عقابه على تكذيبكم وعنادكم وتجبركم وتعنتكم وأطيعون فيما دعوتكم إليه من الحق والهدى أهدكم سبيل الرشاد ولا أسألكم على نصيحتي لكم ودعوتكم إلى ربي جزاء ولا ثوابا ولكن أجري على الله رب العالمين .
أتنكحون الذكران من بني آدم في أدبارهم وتتركون ما أباحه الله لكم من أزواجكم ، بل أنتم قوم تتجاوزون ما أباح الله لكم إلى ما حرم عليكم .فما كان جواب قومه إلا أن هددوه بالإخراج من قريتهم لإنكاره عليهم تلك الفاحشة المشينة وهي فعل اللواط بالذكور منهم . فلما استمروا على ذلك الفعل القبيح وعدم اتباعهم نهي نبيهم استغاث لوط عليه السلام بربه سبحانه وتعالى فجاء العقاب سريعا من شديد العقاب ، من بيده ملكوت السموات والأرض ، من له جنود السموات والأرض . ثم أهلك الله عز وجل قوم لوط العصاة المجرمين بالتدمير وإرسال حجارة من السماء مطرا عليهم وبئس ذلك المطر مطر القوم الذين أنذرهم نبيهم فكذبوه ، وإن في إهلاك قوم لوط لعبرة وعظة لمن خافه من الأقوام وماربك بظلام للعبيد )انتهى ملخصا .

5 ـ قال الله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن أبتغىوراء ذلك فأولئك هم العادون} (المؤمنون 5 ـ7 )
قال الشنقيطي رحمه الله في تفسيره (( ذكر جل وعلا أن من صفات المؤمنين المفلحين الذين يرثون الفردوس ويخلدون فيها ، حفظهم لفروجهم ، من اللواط والزنا ونحو ذلك ، وبين أن من لم يحفظ فرجه عن الحرام بل تعدى حدود الله فهو ظالم لنفسه ومهلكها وموبقها وموقعها في شديد عذاب الله تعالى )) انتهى .

6 ـ قال الله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } ( المعارج 29 ـ30ـ 31 ).
قال بن سعد يرحمه الله في تفسيره (( الذين لايطأون بفروجهم وطئا محرما من زنا أو لواط أو وطء في دبر أو حيض ونحو ذلك ، ويحفظونها من النظر إليها ومسها ممن لا يجوز له ذلك، ويتركون وسائل الحرام الداعية لفعل الفاحشة ، فأولئك هم الذين وصلوا إلى أعلى منازل الكرامة والنعيم المقيم ، فهم أصحاب الصفات الطيبة الحسنة ، وما عداهم فأولئك المجرمون المعتدون الذين أعد الله لهم العذاب الشديد الذي تذوب من شدته الجبال الراسيات الشامخات )) انتهى .

ثانيا : من السنة المطهرة : ـ
وقد سمى الله عز وجل فعل عمل قوم لوط فاحشة في قوله تعالى على لسان نبيه لوط عليه السلام إذ قال ( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) ، ولقد جاء تحريم الفاحشة عموماً ومنها اللواط في قوله تعالى ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن )0
ولقد جاءت الأحاديث الصحيحة متضافرة من تحريم الفواحش بكل أنواعها وحرم التعدي على حدود الله وإليكها من مضانها :
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه ] ( رواه البخاري ومسلم ) 0
وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء ، فيجعلها الله هباءً منـثوراً ، قال ثوبان : يا رسول الله ! صفهم لنا ، جلهم لنا ، لا نكون منهم ونحن لا نعلم 0 قال : أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون ،من الليل كما تأخذون ، ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ] حديث صحيح رواه بن ماجة ] ، فأولئك القوم كانوا يقومون الليل ويعملون من أعمال الخير ما تعجز عن حمله الجبال ،ولكن ما امـتـثلوا أمر الله عز وجل ولا أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فإذا أغلقوا عليهم أبوابهم وسترهم ارتكبوا محارم الله من زناّ ولواطٍ وغير ذلك ، فأولئك كانوا على علم وعلى أعمال صالحة أما أهل اللواط والفواحش فليسوا على ذلك فأي أعمال صالحة لديهم حتى يجعلها الله هباءً منـثـوراً ، إن أعمالهم كلها سيئة فلا صلاة ولا صوم ولا قيام بل نوم فوالله لو كانوا من أهل الصلاة لاجـتـنبوا الفواحش وما قربوها ولهابوها ، يقول ربنا تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ] ( العنكبوت ) 0
فالعمل السيء يتبعه عمل سيء آخر، وهكذا حتى تـتراكم السيئات على العبد فيلقي ربه وليس لديه حسنة ، ثم النار النار ، بئس المصير وبئس القرار 0
فياليت شعري ! لو أن أكثر الناس أدركوا لماذا خلقوا لهانت عليهم الدنيا ولجدوا في طلب الآخرة ، ولكن عميت منهم العقول والقلوب والأبصار ، فأضحوا لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ولا حول ولا قوة إلا بالله 0
فيا عبد الله ، تب إلى الله ، وارجع إلى الله ، لعله سبحانه أن يقيل عثرتك ، ويمحو حوبتك ، ويتجاوز عن قبح فعلك 0
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال : [ ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً ، وعن جنبتي الصراط سوران فيها أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعند رأس الصراط داع يقول : استقيموا على الصراط ولا تعوجوا ، وفوق ذلك داع يدعو كلما هَمّ عبد أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب ، قال: ويلك ! لا تـفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه ، ثم فسره فأخبر أن الصراط هو الإسلام ، وأن الأبواب المفتحة محارم الله ،وأن الستور المرخاة حدود الله ، والداعي على رأس الصراط هو القرآن ، والداعي من فوقه هو واعظ الله في قلب كل مؤمن ] ( أنظر صحيح الترغيب والترهيب ) .
إن الله عز وجل لايقبل ديناً غير الإسلام ولهذا قال سبحانه : { إن الدين عند الله الإسلام } ( آل عمران ) ، وقال تعالى : { ومن يـبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } ( آل عمران ) فالإسلام دين الاستقامة والهدى من تمسك به لن يضل أبداً ،ولهذا نرى اليهودية والنصرانية والشيوعية كيف حل بهم البلاء والعذاب والضيق والضياع والانحلال ، وضعف الأمن وقلة الأمان ، بسبب ما هم عليه من الضلال والجور ، والعناد والتكبر على الله تعالى ، أما الإسلام فهو الدين الذي ارتضاه الله جل وعلا لعباده ، وهو سبيل النجاة من النار والورود إلى جنة الرحمن .
وقد جعل الله عز وجل لعباده عقبات وابتلاءات يختبر بها عباده ، ليرى منهم الصابر عن محارم الله عز وجل ممن يقع فيها وهذا مصداقُُ لقوله تعالى : { آلم أحسب الناس أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فـتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقون سـاء ما يحكمون } ( العنكبوت ) .
فكلما قوي إيمان العبد كلما زاد بلاؤه ، ولهذا كان أكثر الناس الأنبياء ، ومن الناس من إذا ابتلى بلاءً يسيراً ذهب ضحية ذلك البلاء بلا صبر ولا دعاء إلى الله عز وجل أن يثبته ويقيه شر ذلك البلاء ، إنما هو اتباع للشيطان والهوى ، ووقوع في الحرام بلا خوف ولا حياء ، فياويله من العذاب الأليم والعقاب الشديد .
قال تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون } ( البقرة ) .
فالصبر من أعلى المراتب في الدين الإسلامي ، ولهذا جاء مدح الصابرين ومالهم من منازل عليا كثير في القرآن الكريم ، منها قوله تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } ( الزمر ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : [ لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة قي نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة ] ( رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : [ ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطى أحد عطاً خيراً وأوسع من الصبر ] ( متفق عليه ) .

وقد قسم العلماء الصبر إلى ثلاثة أقسام :
الأولى : صبر على أقدار الله .
الثانية : صبر على طاعة الله .
الثالثة : صبر عن محارم الله .
فهنيئاً لمن حرّم على نفسه ما حرّم الله عليه من لواط وغيره من الفواحش والذنوب والآثام ، وهنيئاً لمن تمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فوقف عند حدود الله ولم يتعداها إلى حرمات الله تعالى ، لان الله تعالى يغار ، وغيرته أن يأتي المرء ما حرم الله عليه فليحذر العبد من عاقبة انتهاك الحرمات ،فعاقبتها سيئة ، وآخرتها نار موقده ، نارُُ تلظى لا يصلاها إلا الأشقى .
بل على المؤمن أن يتمسك بكتاب الله تعالى ، فهو الصراط المستقيم والنور المبين يهدى به الله من اتبع رضوانه ، سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور ، ولهذا جاء التحذير من هجر القرآن ، لان في هجره انتهاك لحرمات الله تعالى ، وارتكاب لنواهيه ، وابتعاد عن الطاعات وزهد في الأوامر ، فقال تعالى : { وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً } ( الفرقان ) .
فالقرآن شاهد لك ، أو شاهد عليك .
فاحرص يا عبد الله أن تكون من الموفقين في هذه الدنيا الزائلة ، واستعد للقاء ربك بفعل الطاعات واجتناب الفواحش الظاهرة والباطنة .
واجعل مخافة الله نصب عينيك ، فأنت لا محالة راحل من هذه الدنيا عاجلاً أو آجلاً ، فاحذر الموت وكربته والقبر وظلمته ، والصراط وزلته .
3 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [00000 اتق المحارم تكن أعبد الناس 000 ] (حديث حسن لغيره رواه الترمذي وغيره ) .
4-وعن بريده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ 000 ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت ] ( رواه الحاكم وهو حديث صحيح لغيره ) .
5-وعن بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ 000 لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يلعنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ] ( رواه بن ماجة وغيره وهو حديث صحيح لغيره ) .
6ـ عن بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ملعون من عمل بعمل قوم لوط ] ( صحيح الجامع برقم 5891 ) .
7 ـ وعن بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ] ( صححه الألباني في الإرواء برقم 2350 ) ، وعند الترمذي (( أحصنا أو لم يحصنا )) .
فاللواط ذنب عظيم ومعصيته كبيره من كبائر الذنوب التي حرمها الله عز وجل ، إذ كيف يتخذ الإنسان لقضاء وطره من هو مثله من الرجال ففيه انتكاس للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها وفي ذلك تعد لحدود الله تعالى بفعل الحرام وترك الحلال ، وفي ذلك محاربة لخالق الأرض والسماء بعدم لزوم أوامره عز وجل بل تعد إلى نواهيه سبحانه وتعالى ، وفي ذلك تشبه بالقوم الذي أنزل الله بهم عذاباً لم ينزله بأمة قبلهم ، وفي ذلك عدم خوف من شديد العقاب بالتساهل وعدم قبول ما جاء في تحريم اللواط بل وإتيان لهذا الذنب الكبير وعدم مبالاة بعقاب هذا الفعل المشين والعمل القبيح .
والمؤمن الكيس الفطن العاقل الذي يعرف عواقب الأمور يضع كل عاقبة سيئة في حسبانه لئلا يقع فيها ، ويحذر من سوء الخاتمة ، ويتخذ ممن سبقه من الأمم عبرة وعظة لئلا يصيبه ما أصابهم ، ثم يحذر كل الحذر ألا يكون هو عبرة لغيره فيبوء بالحسرة والندامة يوم لا ينفع الندم . يقول الله تعالى : { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدىً ورحمة لقوم يؤمنون } ( يوسف ) .
8 ـ عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط ] ( حديث صحيح رواه الترمذي وابن ماجة ) .
قال بن عباس : ( إن الرجل ليأتي الرجل فتضج الأرض من تحتها والسماء من فوقها ، والبيت والسقف ، كلهم يقولون : أي رب ! ائذن لنا أن ينطبق بعضنا على بعض ، فنجعلهم نكالاً ومعتبراً ، فيقول الله عز وجل : إنه وسعهم حلمي ولن يفوتوني ) . قال الله تعالى : { ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } ( غافر ) ، وقال تعالى : { وما للظالمين من نصير } ( الحج ) .
قال صلى الله عليه وسلم : [ إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )) ( هود 102 ) ] ( متفق عليه ) .
فهب أن الله قد كتب عليك الشقاء ثم جاءك ملك الموت وأنت على تلك الصورة البشعة وتلك الفعلة القذرة ، فما المخرج ؟ ومن المنجي من عذاب الله ؟
واعلم يا من عذبت نفسك وبليتها بعمل قوم لوط أن من مات على شيء بُعث عليه ، فمن مات وهو ملب لله تعالى بحج أو عمرة يبعث من قبره مسروراً فرحاً مفتخراً بتلبيته لله عز وجل ، فيخرج من قبره وهو يقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، وأما من مات وهو يعمل عمل قوم لوط والعياذ بالله فيقول بن عباس : من خرج من الدنيا على حال خرج من قبره على تلك الحال ، حتى أن اللوطي يخرج يعلق ذكره على دبر صاحبه مفتضحين على رؤوس الخلائق يوم القيامة . فأي فضيحة وأي خزي وأي عار سيواجهه اللوطيون يوم القيامة ؟ فما اشدها من فضيحة ؟ وما أفظعها من نتيجة ؟ وما أسوأها من خاتمة ؟ وما أعظمه من خزي ؟ وما أقبحه من عار ؟
ولكنه الهوى الأعمى الذي دب في نفوس أولئك البغاة العصاة ، وإنه إعراض عن الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، يقول ربنا جل وعلا : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا * ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى * وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى } ( طه 124-127 ) ، فالموعد يوم أن تتطاير الصحف ، وتعرض السجلات ، وتجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ، إنه اليوم الذي يشيب فيه المولود ، ويفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ، فكل إنسان يقول : نفسي نفسي ، إنه يوم القيامة عند من لا تخفى عليه خافية .
فأين المعتبر ؟ وأين التائب ؟ وأين العائد إلى ربه ؟ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له . والله المستعان وعليه التكلان .
ولقد جعل الله سبحانه وتعالى بحكمته ورحمته في الحلال غنية عن الحرام . فاللهم لك الحمد والفضل والمنة على جميع نعمك الظاهرة والباطنة ، واللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك .
9 ـ قال صلى الله عليه وسلم : [ لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا ، أو امرأة في دبرها ] ( أنظر ترتيب صحيح أحاديث الجامع الصغير وزيادته ص70 ) .
فمن لم ينظر الله إليه يوم القيامة فمن ذا الذي ينظر إليه إذاً ؟ . فكل الأنبياء الذين هم صفوة الخلق وأفضل العباد يقول كل منهم : نفسي نفسي ، وهم الذين كتب الله لهم العصمة من الذنوب ، فأين أنت أيها اللوطي يوم القيامة من الأهوال العظام والآيات الجسام ؟ أتحسب أن الله غافلُُ عما كنت تعمل من عمل قوم لوط ؟ أم تحسب أن الله جل وعلا نسيك ونسي فعلتك ؟ أم تحسب أن الله تعالى سيتركك هملاً وسدى ؟ أم تحسب أن الله لا يقدر على عذابك ؟ كلا والله بل ستحاسب على أفعالك وتعاقب على ذنوبك ومعاصيك ما لم يدركك الله بتوبة قبل موتك .
قال تعالى : { ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون * إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء * وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل } ( إبراهيم ) .
ولسان حال أهل اللواط والفحش والكفر والعناد أنهم يقولون : { ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } فيرد عليهم ربهم سبحانه وتعالى الذي أمهلهم في الدنيا ليتوبوا ولكنهم أصروا على فعل الفواحش والكبائر ، يقول لهم ربهم : { اخسئوا فيها ولا تكلمون } ( المؤمنون ) .
ويقول الله تعالى : { وما كان ربك نسياً } ( مريم ) .
وقال تعالى : { في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى } ( طه ) .
أتحسب أيها اللوطي أن الله ينسى فعلك القبيح وعملك المفضوح ؟ لا والله ، ولكن الله تعالى قد منّ عليك بتأخير عقوبتك في الدنيا لعلك تتوب أو تعود إلى ربك سبحانه ، ولكنك بتماديك في غيك واستمرارك في معصيتك ستلقى جزاء ذلك جزاءً موفوراً ، وكل ذلك في كتابك وصحيفتك مسطرٌ لك إلى يوم تلقى ربك ، وستقاسي مرارة ذلك عذابا أليما ، وغساقاً وحميماً .
فارحم نفسك وعالجها بالتوبة النصوح والتجارة الرابحة مع ربك جل وعلا ، وأخلص نيتك بإقبالك على الله تعالى وأر ربك صدق النية وإخلاص التوبة لعله سبحانه أن يتوب عليك ويبدل سيئاتك حسنات ، فالله يفرح بتوبتك وإنابتك إليه .

ثالثا : الإجماع : -
أجمع العلماء على أن اللواط حرام ، وفاعله ملعون والعياذ بالله ، نقل ذلك الإجماع أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن .
وذلك لأن في اللواط شذوذ جنسي وأخلاقي وإنزال للنفس البشرية إلى منزلة البهائم بل أسفل من ذلك ، ولما فيه من انتكاس للفطر السليمة التي فطر الله الناس عليها ، وفيه حدوث علاقات جنسية محرمة بين الرجال بعضهم البعض ولما فيه من إيذان بعذاب الله تعالى إن لم توقع العقوبة على الفاعل والمفعول به ، لذا جاء التحريم شرعاً وعرفاً لفعل فاحشة اللواط والعياذ بالله .
وقد أجمع الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به ولكنهم اختلفوا في كيفية القتل .

أقوال العلماء في اللواط : ـ
1 ـ يقول النووي رحمه الله في كتاب المجموع شرح المهذب : ( فإن اللواط وهو إتيان الذكور في أدبارهم محرم وهو من الكبائر لقوله تعالى : { إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة } فسماه فاحشة والله يقول : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } انتهى .
2 ـ وقال الذهبي رحمه الله تعالى في كتاب الكبائر : ( قد قص الله عز وجل علينا قصة قوم لوط في غير موضع ، فعاقبهم بأن أرسل عليهم حجارة من طين طبخت حتى صارت كالأجر وصبها عليهم يتلو بعضها بعضا ، معلمة بعلامة تعرف بها أنها ليست من حجارة أهل الدنيا ، وما هي من الظالمين في هذه الأمة إذا فعلوا فعلهم أن يحل بهم ما حل بأولئك من العذاب .
وأجمع المسلمون على أن اللواط من الكبائر التي حرمها الله تعالى ، فقال تعالى : { ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين } ( الأنبياء 74 ) .
وكان من القوم الذين أرسل إليهم أو القرية التي أرسل إليها سدوم ، وقد كان أهلها يعملون الخبائث التي ذكرها الله سبحانه في كتابه كانوا يأتون الذكران من العالمين في أدبارهم ويتضارطون في أنديتهم مع أشياء أخرى كانوا يعملونها من المنكرات .
وروى الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله تعالى ، قيل : من هم يا رسول الله ، قال : المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة ، والذي يأتي الذكر ] يعني اللواط .
وقال بعض العلماء : لا يبيتن رجل مع أمرد في مكان واحد ، وحرم بعض العلماء الخلوة مع الأمرد في بيت أو حانوت أو حمام قياساً على المرأة .
جاء رجل إلى الإمام أحمد رحمه الله ومعه صبي حسن فقال : الإمام : ما هذا منك ؟ قال ابن أختي ، قال لا تجئ به إلينا مرة أخرى ، ولا تمش معه في طريق لئلا يظن بك من لا يعرفك ولا يعرفه سوءاً ) انتهى .
3 ـ قال الشوكاني في نيل الأوطار : ( وأخرج البيهقي عن علي رضي الله عنه أنه رجم لوطيا ، قال الشافعي : وبهذا نأخذ برجم اللوطي محصناً كان أو غير محصن ، وقد اختلف أهل العلم في عقوبة الفاعل للواط والمفعول به بعد اتفاقهم على تحريمه وأنه من الكبائر للأحاديث المتواترة في تحريمه ولعن فاعله ، وذهب علي بن أبي طالب إلى أن اللوطي يقتل بالسيف ثم يحرق لعظم المصيبة ، وأجمع الصحابة على قتله ، وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين ويعذب تعذيباً يكسر شهوة الفسقة المتمردين فحقيق بمن أتى فاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشابها لعقوبتهم ، وقد خسف الله تعالى بهم واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم .
4 ـ وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في الزواجر : ( وأجمعت الأمة على أن من فعل بمملوكه فعل قوم لوط من اللوطية المجرمين الفاسقين الملعونين فعليه لعنة الله ثم عليه لعنة الله ثم عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، فعليهم أشد اللعنة الدائمة الظاهرة وأعظم الخزي والبوار والعذاب في الدنيا والآخرة ماداموا على هذه القبائح الشنيعة البشعة الفظيعة الموجبة للفقر وهلاك الأموال وانمحاق البركات والخيانة في المعاملات والأمانات ، ولذلك تجد أكثرهم قد افتقر من سوء ماجناه وقبيح معاملته لمن أنعم عليه وأعطاه ولم يرجع إلى بارئه وخالقه وموجده ورازقه بل بارزه بهذه المبارزة المبينة على خلع جلباب الحياء والمروءة والتخلي عن سائر صفات أهل الشهامة والفتوة والتحلي بصفات البهائم ، بل بأقبح وأفظع صفة وخلة ، إذ لا تجد حيواناً ذكراً ينكح مثله ، فناهيك برذيلة تعففت عنها الحمير . فكيف يليق فعلها بمن هو في صورة رئيس أو كبير ، كلا بل هو أسفل من قذرة وأشأم من خبرة ، وأنتن من الجيف ، وأحق بالشرور والسرف ، وأخو الخزي والمهانة ، فبعداً له وسحقاً وهلاكاً في جهنم وحرقاً ) انتهى .
5 ـ وقال بن القيم رحمه الله في زاد المعاد : ( ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قضى في اللواط بشيء لأن هذا لم تكن تعرفه العرب ، ولم يرفع إليه صلى الله عليه وسلم ، ولكن ثبت أنه قال : (( اقتلوا الفاعل والمفعول به )) وحكم به أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكتب به إلى خالد بعد مشاورة الصحابة ، وكان علي أشدهم في ذلك .
وأجمعت الصحابة على قتله ، وإن اختلفوا في كيفية القتل ) انتهى .
كانت تلك جملاً من أقوال العلماء الأفذاذ عليهم رحمة الله في اللواط وأهل اللواط ، ومن استمرأه وقبله ، ورضيه دستوراً وطريقاً يلتمسه .
وإنه والله سبب لسوء الخاتمة ، وسبب للغفلة المهلكة ، نسأل الله السلامة والعافية.

عقوبة اللواط :
اللواط جريمة شنيعة وفاحشة قبيحة ، ورذيلة مذمومة ، وفعلة منكوسة ،وفطرة مطموسة وفاعلها ملعون مجرم فاسق ، وممارسها منكوبٌ استحق العذاب على عظيم جرمه ، وجسيم فعلة ، ولهذا كان له عقوبة عجيبة غريبة في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة تختلف عن عقوبة بقية الفواحش والكبائر بسبب عظيم الجرم ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .

1) في الدنيا :
اعلم أن الله عز وجل قص علينا من قصة عمل قوم لوط إيثارهم الفاحشة وميلهم إليها ، وشرح عقابه إياهم في الدنيا ، فأطال في ذكر ذلك ما لم يطل في ذكر كفرهم ومعلوم أن الكفر أعظم من الفاحشة ولكن أراد تحذيرنا من تلك الأفعال ، وقصة القوم في القرآن في مواضع ، وقد عرفنا منها أنه عاقبهم في الدنيا بالخسف والرجم بالحجارة .
فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط يقتل الفاعل والمفعول به ] ( انظر صحيح الجامع ) .
وقد أوردنا الأحاديث في باب سابق .
وقد أمر أبو بكر رضي الله عنه بحرق اللوطي .
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط فاقـتلوه .
وسئل بن عباس : ما حد اللوطي ؟ قال : يُنظر أعلى بيت في القرية فيرمى منكساً ثم يتبع بالحجارة .
وعن سعيد بن المسيب قال : على اللوطي الرجم ، أحصن أو لم يحصن .
وقال جابر بن زيد في اللوطي يرجم .
وكذلك قال الإمام أحمد والزهري ومالك والشافعي وغيرهم من التابعين أن اللوطي يرجم أحصن أولم يحصن .
وقال النخعي : لو كان أحد ينبغي أن يرجم مرتين لكان ينبغي للوطي أن يرجم مرتين .
وقال الفضيل بن عياض : لو أن لوطياً اغتسل بكل قطرة من الماء لقي الله غير طاهر .
وقال عبدالله بن عمرو : يحشر اللوطيون يوم القيامة في صورة القردة والخنازير .
وقال الحسن : في الرجل خالط الرجل ـ أي فعل به فاحشة اللواط ـ إن كان أحصن جلد ورجم ، وإن كان لم يحصن جلد ونفي .
وقال مجاهد : لو أن الذي يعمل ذلك العمل ـ يعني عمل قوم لوط ـ اغتسل بكل قطرة من السماء وكل قطرة من الأرض لم يزل نجساً ، وقد ذكر الله سبحانه عقوبة اللوطية وما حل بهم من البلاء في عشر سور من القرآن وهي : سورة الأعراف ، وهود ، والحجر ، والأنبياء ، والفرقان ، والشعراء ، والنمل ، والعنكبوت ، والصافات ، والقمر ، وجمع على القوم بين عمي الأبصار ، وخسف الديار ، والقذف بالأحجار ، ودخول النار ، وقال محذراً لمن عمل عملهم ما حل بهم من العذاب الشديد : { وما قوم لوط منكم ببعيد } ( هود 89 ) .
وقال بعض العلماء : إذا علا الذكر الذكر هربت الملائكة ، وعجت ـ صاحت ـ الأرض إلى ربها ، ونزل سخط الجبار جل جلاله عليهم ، وغشيتهم اللعنة ، وحفت بهم الشياطين ، واستأذنت الأرض ربها أن تخسف بهم ، وثقل العرش على حملته ، وكبّرت الملائكة ، واستعرت الجحيم ، فإذا جاءته رسل الله لقبض روحه نقلوها إلى ديار إخوانهم ، وموضع عذابهم ، فكانت روحه بين أرواحهم ، وذلك أضيق مكاناً وأعظم عذاباً من تنور الزناة ، فلا كانت لذة توجب هذا العذاب الأليم ، وتسوق صاحبها إلى مرافقة أصحاب الجحيم . تذهب اللذات ، وتعقب الحسرات ، وتفنى الشهوة ، وتبقى الشقوة . وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ينشد :
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الخزي والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار
( أنظر روضة المحبين 378 لابن قيم الجوزية ) .
فالأمر خطير والخطب جسيم ، والفاحشة شنيعة والجرم قبيح ،والفعل مشين ،والعمل مذموم فاتق الله أيها اللوطي ، فملك الموت لك بالمرصاد واحذر من سخط ربك سبحانه وأليم عقابه وشديد عذابه .
فالله يمهل ولا يهمل ، أم حسبت أنك لن تعود إلى ربك فيجازيك بأعمالك وأفعالك { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون } ( المؤمنون ) .
أم حسبت أنك ستخلد في هذه الدار ؟ كلا ! بل كل ذلك مسطر في صحائف أعمالك وستلقاه يوم القيامة منشوراً ، { في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى } ( طه ) ، قال تعالى : { أيحسب الإنسان أن يترك سدى } ( القيامة ) .
فاحرص يا عبد الله أن يكون رجوعك إلى ربك رجوعاً حسناً وعودك عوداً جميلاً ، بفعل الطاعات والابتعاد عن المحرمات ، فالجنة دار الأتقياء ، والنار دار الأشقياء ، فاخـتر لنفسك أي المصيرين تريد ؟ وأي الدارين ترغب ؟ .
ففي النار أهوال عظام والحميم والجحيم ، نعوذ بالله من العذاب الأليم ، وفي الجنة خيرات حسان والنعيم المقيم ، نسأل الله من فضله العميم .
واعلم أنك في قبضة ربك سبحانه ، ولن تعجزه هرباً ، بل أنت أقرب إليه مطلباً ، ألم تسمع قول ربك جل وعلا : { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } ( الزمر ) ، وقوله تعالى : { وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هرباً } ( الجن ) ، فأين أصحاب العقول والهمم ؟ وأين من تركوا الفواحش واللمم ؟
ولا ذوا إلى الله مسبغ النعم ، ودافع النقم .
فاقصد ربك غفار الذنوب ، وقابل التوب ، فهو الرؤوف الرحيم ، وهو الغفور الودود ، عاتب نفسك وأطرها على الحق أطراً ، واجزرها عن الحرام زجراً ، فوالله إنك على النار لاتقوى ، فعليك بطريق الهدى ، وإياك وطريق الغوى والهوى ، فيكون مصيرك نار تلظى .
الله الله !! أين المشمرون ؟ وأين التائبون ؟
فالحق ياعبد الله بقوافل التائبين ، واركب سفينة الناجين ، واحذر أن تكون من الغريقين ، في بحور المعاصي فتكون من الغاوين ، فيسخط عليك رب العالمين ، فتخسر الدارين ، وتبوء بالخسارتين ، فياويلك ثم ياويلك من عقاب شديد العقاب وسريع الحساب .

2) في القبر :
إذا كان عذاب الزناة والزواني أن يوضعوا في تنور أعلاه ضيق وأسفله واسع ويأتيهم العذاب من أسفل منهم وهم يصرخون ويصيحون يريدون النجاة والخروج ، ولا ناصر لهم ولا معين .
فلا غرو أن يحل بأهل اللواط ـ والعياذ بالله ـ أشد العذاب ، وأقسى العقاب فإن عذابهم سيكون أشنع وأبشع ، وأشد وأغلظ . وما الله بظلام للعبيد ، وإن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون ، فأين الملجأ ؟وأين النصير ؟ فيالحسرتك يامخدوع ويالضيق الحال والمقام في قبر طوله وعرضه شبر في شبر .
واعلم أنك إن مت على هذه الفعلة المحرمة شرعاً وعرفاً فإنك تموت على شك من دينك ، ولو كنت موقناً بكلمة التوحيد لا إله إلا الله ، ومن مات على الشك فليبشر بهذه البشارة السيئة والعياذ بالله ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إن الميت يصير إلى القبر ، فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشغوف ، ثم يقال له : فيم كنت ؟ فيقول : كنت في الإسلام ، فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه ، فيقال له : هل رأيت الله ؟ فيقول : ما ينبغي لأحد أن يرى الله ، فيفرج له فرجة قبل النار ، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً ، فيقال له : انظر إلى ما وقاك الله ، ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال له : هذا مقعدك ، ويقال له : على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغد الصقير

رغد الصقير


عدد المساهمات : 194
تاريخ التسجيل : 28/01/2013

لوط عليه السلام ~  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لوط عليه السلام ~    لوط عليه السلام ~  Emptyالإثنين فبراير 04, 2013 1:52 am

شكراً Very Happy
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لوط عليه السلام ~
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة لوط عليه السلام
» صور وتفاصيل عن ثوب آدم عليه السلام
» قصه عيسى عليه السلام بالصور . . ~
» من هو عيسى - عليه السلام-؟
» قصه عيسى عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
تاريخ العالم في 48 :: مشاركات الطالبات-
انتقل الى: